مكة كلها وقف للمسجد الحرام
مكة كلها وقف للمسجد الحرام
17 يونيو, 2012 إسماعيل الكبسي
من موقع الأستاذ إسماعيل الكبسي – هنا القرآن
ان من البديهيات ان نتدبر آيات القرآن فهو قد أُنزل للتدبر ومن لم يتدبر فقد فقد عقله وأصبح اضل من الدوآب (إنمايتذكرأًلوالألباب) وعلى هذا الاساس فإن من الواجب إن يكون المسلم المؤمن بالله وبما أنزل الله وبرسل الله أن يكون من هذه صفته او من يدعي ان هذه صفته متدبرا آيات الله مدَّكراً معتبراً وان يتبصبر في تدبرها ويستيقن معانيها ويتحرى ما توحي به وتحكم وما تنطق به فحواها فأن الفقيه من يفهم ..
إن هناك لأيات إنحرف بها فهم الفقهاء عن معناها الوآضح واتجهوا بها في سبيل غامض اوكتموا ماتعنيه لغرض غامض مكتوم اولسوء فهم لماهو واضح معلوم ومن هذه الأيات قوله تعالى (إنَّ الذين كفروا ويصدون عن سبيل لله والمسجد الحرآم الذي جعلناه للناس سواءً العاكف فيه والباد ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب اليم) 25الحج ..
إن الآية تصف الذين كفروا بانهم مع كفرهم يصدون عن سبيل لله . ويصدون عن المسجد الحرآم، وذلك إثمٌ وظلمٌ وفسادٌ كبير، لأن الصد عن سبيل الله انما هو صدٌ عن السبيل الموصل الى الحق والنور والسداد . إنَّه يَصْرِف الناس عن السبيل الذي يحي القلوب والأنفس ويطهرها من الشرك والرجس ويحررها من الخضوع للطاغوت والشهوآت والهوى ويجعل الإنسان خاضعاً لربه مخلصاً له الدين وذلك هو الفوز المبين إذن فالصد عن سبيل الله إنما هو صدامٌ مع الحق ومع الحياة وذلك هو الضلال والمتاه وإن الصد عن سبيل الله إنما هو بعدٌ عن الله وعداءُ وذلك هو الهلاك بلامراء وهو الباطل والفناء وإذن فإن ما يفعله الذين كفروا هو فعلٌ خطير مدمر لا يقترفه إلا الذي كفر ومن لا يعقل ولا يفكر وإذا عرفنا خطورة هذا العمل وسوء اثره على الحياة والناس فإن إقتران الصد عن المسجد الحرام بالصدعن سبيل الله وعطف الصد عن المسجد الحرام على الصد عن سبيل الله يجعل قضية الصد عن المسجد الحرام قضية كبرى خطيرة وفعلة شنعاء مبيرة وخطوة عوجاء نكيره وكيف لا وهو اول بيت وضع للناس هو البيت الذي جعله الله مثابة للناس وأمنا وهو البيت الذي جعله الله قياماً للناس وهو البلد الأمين الذي إختاره الله مهوى افئدة العالمين فالصد عنه ورد الناس عن قصده يساوي الصد عن سبيل الله وعن هداه لأن المسجد الحرام يمثل معلماً من معالم الهدى ومحطةً من محطات سبيل الله الى الخير والنور والزكاء فيجب ان يكون مفتوحاً لكل فؤاد يهوي اليه ويجب ان يبقى مسموحاً لكل أُمة تأمه تبتغي فضلاً من الله وتتوب اليه ولهذا فإن الله في الآية يصفه بأنه قد جعله كذلك وبأنه أراد له ان يبقى مخلفاً للناس الذين لهم مناسك فقد عرف الله المسحد الحرام بأهم وأبرز صفاته هي (الذي جعلناه للناس سواءً العاكف فيه والباد)فالله قد جعله للناس كلهم مسجداً حراماً ومن دخله كان آمنا . بل وكل حيوان فيه آمنٌ بل كل شجر وحجر آمنٌ انه امنٌ وسلامٌ. وهو مثابة للناس وقيام يتعلمون فيه العيش بسلام والسعي بوآم وينتقلون فيه الى كل البلدان والقرى بسلوك الحب والسلام فإذاً الأرض كلها حرمٌ امنٌ ومقامٌ سعيدٌ للأنام .
نعم لقد بوأه الله مسجداً حراماً وسماه كذلك بل ووضعه أول بيت وضع للناس مباركاً وهدى للعالمين وإذن فإنه يترتب على هذه المقدمات والبدايات وعلى هذه الصفات والمميزات نتيجة طبيعته واضحة لا يتسلل اليها غموضٌ ولا يخالطها التباس ولا تردد تلك هي قوله تعالى (الذي جعلناه للناس سواءً العاكف فيه والباد) فالناس فيه سواءٌ في ان لكل واحدٌ حق في وصوله ونزوله ولكل فرد من الناس في كل زمان ومكان وفي كل الأقطار والبلدان أن يأتى الى المسجد الحرام لأي هدف فيه خيرٌ يراد فلا يرد و يصد بل يفتح له ويوفر له المسكن والزآد وذلك لانه (سواءٌ العاكف فيه والباد) فالعاكف فيه المقيم لا يملك شيأً من الأرض أو السكن وإنما عكوفه فيه لهدف أهم هو خدمة الناس وتسهيل مهماتهم وتيسير حاجاتهم ليقيموا الصلاة وليشكروا الله على ما هداهم .ان العاكف لا يملك ولكن يخدم ويسهل ألاغراض التي وضع لها البيت الحرام وييسر المهمات التي يأتي لها الناس من كل فج عميق يبتغون فضلاً من ربهم ورضواناً ان العاكف خادمٌ لا مالك ميسرٌ لا مؤجر مستثمر فإذا اقام مسكناً للناس القادمين فلييسر فيه السكن باجر رمزي يكفي للصيانه والترميم والتحسين لا للربح والإستثمار الذي عليه الناس في هذا الزمان انهم بهذا يصدون عن سبيل الله ويظلمون انفسهم وعباد الله اليس العاكف فيه أي في المسجد الحرام سواءً مع الباد فالباد الذي لا يقيم في المسجد الحرام يساوي العاكف المقيم كلٌ منهما نزيلٌ في المسجد الحرام
لكن الاول يخدم وييسر شأنى ما يصلح لمهماته وما تعينه على عبادته وصلواته فالعاكف مستفيدٌ من الباد والباد مستفيدٌ من العاكف كلاهما جناحان لإقامة البيت الحرام وكلهما كفان لعمارة المسجد الحرام هذا يعكف ويخدم وهذا يأتي يهوي اليه ينفق وكلاهما يهدف الى الخير من ربهما والى فضل يغمرهما, اذن فالأرض والمساحات كلها في المسجد الحرام والطرق العمارات كلها في المسجد الحرام والربى الساحات كلها في المسجد الحرام يجب ان تخلى وتسخر وتهياء وتيسر لخدمة القادم ولا يصح ان يملكها العاكف والمقيم الدائم بل هو مقيمٌ فيها ليقيم امرها وهو مقيمٌ مستقيمٌ لخدمتهم وخدمتها ولييسر مهمات كل قادم اليها .
ألأرض كلها في ملكه:
كل الارض التي إحتواها الحدود التي يبدؤ منها الإحرام من كل الجهات كل هذه الأرض بلا إستثناء هي المسجد الحرام وهي مقام ابراهيم عليه السلام وهي البيت الحرام وهي الكعبه وهي البيت العتيق كل هذه الأسماء لها مسمىً واحد هو مكة ولها حدود ٌمعروفة من حيث يجداء الإحرام لكل الحجاج القادمين . وهكذا فإن هذه الأرض التي يعرفها الجميع ويعرفها العاكف فيه والباد يجب ان تظل هكذا ( سواءً العاكف فيه والباد) فلا يملكها احدٌ ولايجوز. ولا يستأجرها فردٌ ولا يجوز بل تتولى الدوله أوالأمه اقامة المنشئات التي تخدم الحجاج وتخدم امن البيت الحرام طول العام ولا يصح ان يمتلكها الأفراد او يمتلك إيجارها مالاً عام وإيجارها عامٌ تمتلكه الأمه في خدمة الامه في البيت الحرام انه ستثماراً اسلامي لاستغلال مرابي لكن تسهيل وتيسير الإقامة لكل عاكف وبادي على السواء فالعاكف غير مالك ولكنه مقيمٌ لهدف هو خدمة الناس القادمين للمناسك والبادي غير مالك ولا يستطيع ان يشتري ويستثمر ولكنه حاجٌ ومعتمرٌ يبتغي فضل الله ثم يغادر وعليه فان ملكية الأرض في المسجد الحرام حرامٌ . كما أوضحته الآية بلا ريب ولا ابهام ومن انحرف عن هذا السبيل او التوى بهذا الفهم فقد الحد عن سبيل الله وظلم .لقد أراد الإنحراف عن امر الله وعما حكم .
لقد اراد الإلتواء على النص الواضح ولهذا فانه يستحق من الله ما اراده بقوله (ومن يرد فيه بإلحاد نذقه من عذاب اليم ) وهذا تحذيرٌ لمن يملكون الارض ولها يستثمرون ويعمرون ويؤجرون ويقيمون الأسواق التي لا تخدم الحجاج وإنما تعكر المزاج
انه تحذيرٌان يعدلو عن هذا الإلحاد في المسجد الحرام ان لا يقربو من هذا الظلم لأنفسهم وللناس في العمل الحرام وان يحذروا العذاب الاليم الذي يتوعدهم به ربهم العلام وكيف وهو قد جعل المسجد الحرام للناس سواءً العاكف فيه والباد فكيف يريدون به الإلحاد وكيف يسارعون للظلم فيه والفساد ان هذا لهو المردي الى العذاب الأليم . ان الإتجاه الى كسب المال والى الإستغلال في المسجد الحرام إنَّما هو شرك وضلال لأنه قصد غير الله واصبح المال هو الإله والله قد أرآد المسجد الحرام منذ البداية بيتا معمرا على غير هذا الحال ولابد ان يبقى على مدى الاجيال والهذا قال (وإذْ بوأنا لإبراهيم مكان البيت)فالله قد عرف إبراهيم من اين تبدأ حدود البيت ومن أين تنتهي وأصبحت معروفه للعاكف والبادي للسلف والخلف وهذا هو المسجد الحرام بلا خلاف .
ومادام هو المسجد الحرام والبيت الحرام فيجب ان يقام على خير مقام وان نخلوا من كل الأثام وهذا ما يعلنه الله لإبراهيم ولمن أتبعه من الأنام فيقول (ان لاتشرك بي شيأ) هذا هو الأساس الهام الذي يبقى عليه المسجد الحرام وهو اساس لا بدان يدوم به الإلتزام بأهتمام .
أما الأساس الثاني
فهو شرط لاستمرار الاول فاذا لم يشرك الناس بالله احداً وكان هو المعبود والمحمود وهو المقصود فمن ياتي البيت الحرام فان البيت الحرام والمسجد الحرام يجب ان يطهرا من الأغراص التي لاتخدم القاصدين الحجاج في البيت الحرام . ويجب ان يطهر من كل المنشئات والمظاهر التي لا تخدم المناسك والشعائر او تحول دون نقاها وصفاها من كل ما يعكر وعن كل ما يلحد بها عن هدفها الطاهر ولهذا قال الله لإبراهيم (وطهر بيتى للطائفين والعاكفين والركع السجود)انه امر أن يكون البيت مخلصا لهذه المهمات .فالطائفون هم الذين يطوفون حول المبنى الأم الذين يصلون اليه ……
و القائمون هم الذين يقفون بعرفات والركعون هم الذين يذكرون الله في ايام معدودة ثلاثه ايام في منى. إذن فالمناطق هذه كلها هي المسجد الحرام بل هي اهم جوانبه ومجالاته وهذه المواقع يجب ان تظل مطهرةٌ من المظاهر التي تخل بمهمات القادمين وان تطهر من كل غرض لا يخدم الطائفين والقائمين والركع السجود
ان البيت الحرام بمعناه الذي عرفناه يجب ان يبقى كما اراده الله وكمادعاء ابراهيم بقوله .. ربنا إني أسكنت بذريتي بوادغيرذي زرع عندبيتك المحرم رب ليقيموا الصلاة فاجعل افئدة من الناس تهوي اليهم ورزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون .
ان لاقامة في البيت الحرام والسكن فيه لهدف منه قول ابراهيم ليقيموا الصلاة فاذا كان ذرية ابراهيم قد سكنوا لهذا الهدف فإن من يدعي انه يتبع ابراهيم فيجب ان يقيم لهذا ولا ينحرف وان يكون اقامة الصلاة هو واجب من يعكف . ثم ان من يهوي اليه من الناس انما يأتي لشكر ويعبر عن حمده واعترافه بفضل ربه الذي سخر له مافي الأرض ويسر وهو الذي سخر له الفلك وحمله في البحر والبر وبهذا يسخر رزق المقيم والبادي في مكه البلد الأمين من الثمرات التي تجبى اليه من كل مكان وتتوفر فيه في كل زمان وتظم جميع الأنواع والألوان فالحمد لله حق الشكر له واجبٌ على من إتبع ابراهيم من الناس واسلم وجهه لله باحسان . وإذا كان كذالك فان بيت الله المحرم يجب ان يبقى محرم ألإمتلاك لارضه وترابه وحصاه وشجره ومياه بل يبقى هذا كله مسخراً للناس سواء العاكف فيه والباد فلا يجوز للعاكف استغلال شي من ذلك لنفسه واهله ولاألإستغلال بمعمارات ليربو بها ماله كلا بل المنشئات لا تكون إلا لخدمة الطائفين القائمين والركع السجود وباجر رمزي زهيد يستقيم به إصلاحها وترميمها وبناء المزيد لخدمة الحجاج وتيسر سكنهم باسلوب مربح سعيد هذا الذي اراده الله العزيز المجيد
وكفيلاً والناس مدعوون الى البيت الحرام والعاكف مأمورٌان يؤذن فيهم باهتمام فكما بداء ابراهيم هذا العمل بامرمن ربه فعلينا التمام والإلتزام ( وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالاً وعلى كل ضامر ياتين من كل فج عميق)27الحج فالأاذن في الناس يعنى الاعلان بكل وسائل الاعلام المتاحه وليكن ذلك في اوطانهم وفي كل تجمعهم ليصل اليهم الاذان بالحج مجلجلاً وليكون الاعلا م موضحاً مسهلاً يعلن لهم ان السكن متوفر والنقل ميسر ولأجور رمزيه في الاقامة والسفر وان الرعاية قائمةٌ دائمه لكل من يقدم ولكل من يغادر ولايجد امامه أي معوق هكذا يجب ان يكون الاذان بالحج انه صوت صادق رقيق محب لكل قادم مرحب به بصدر واسع لا يضيق وبهذا فانهم (يأتوك رجالاً وعلى كل ضامرياتين من كل فج عميق)فلا حاجز امامهم ولا معيق بل لهم كل النجاح والاجواء لهم طريق فالراحل يلقى ما يعينه والراكب يلقى ما يصونه ويجد ما يحتاج اليه من اصلاح هكذا يجب ان يكون وليتحقق ما هم لاجله قادمون وهو (ليشهدو منافع لهم ويذكروا اسم الله في ايام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الانعام فكلوا منها واطعموا الباس الفقير ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق)29الحج .
ان هذه المنافع والمهمات وهذه المشاعر والمناسك والصلوات وهذه الانعام بالآلاف والمئات لا يمكن ان تتوفر للناس القادمين من كل فج عميق إلا بتلك المقدمات وتلك الخدمات التي تظمنتها ماسبق من الايات فاذا لم تتوفر تلك الشروط .
واذا وجد لها ما يعيق فالناس لن يقبلوا على الاذان بالتصديق ولن ياتو من كل فج عميق فلكن من معظمين شعائر الله بلا إلحاد في بيت الله ولنكن مخلصين الدين الله ذي الجلال متجهين اليه لا الى المال فان الاتجاه الى المال هو الشرك والضلال وهذا هو ما يدعونا ليه الله ويحذرنا من ان ندعي مالا يريده الله ثم نقول هوامر الله (ذلك ومن يعظم حرمات الله فهو خيرٌ له عند ربه واحلت لكم الانعام إلا مايتلى عليكم فاجتنبوا الرجس من الاوثان واجتنبوا قول الزور)30الحج .
واننا لو استوطنا المسجد الحرام اليوم لوجدنا انه قد شمله المراد هو الاتجاه الى المال والعمران الاستغلال الارض المسجد الحرام الاغراض لا تخدم الامه الاسلامية ولكنها اغراضٌ فرديه اما المراد فهو دعاً ما لم يقله الله وتحليل ما حرم الله من ارض المسجد الحرام كان المشركون من قبل يحرمون مالم ياذن به الله فكانو بذلك اشد كفراً والله يريد منا ان نكون (حنفاء لله غير مشركين به ومن يشرك بالله فكأنما خرمن السماء فتخطفه الطير او تهوي به الريح في مكان سحيق )31الحج .
فمن ذا الذي يريدان يكون حاله هوهذا الحال ومآله هو هذا المآل انه بلا شك غافل ضال …
Leave a Reply